التاريخ يعيد نفسه
بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
أتظن الأمة العربية أنها ستنعم بالأمن والاستقرار إذا ما بقيت تتفرج حتى ينتهي الصهاينة من حصاد الشعب الفلسطيني العظيم ؟؟؟ كلا لن يكون ذلك ، لكن أكاد أجزم أن نهاية الأقطار العربية ستكون أسوأ من نهاية الأندلس ، التي كان عدد ممالكها وإماراتها ذات يوم في تساو مع عددنا اليوم ، لكنهم قدموا لعدوهم خدمة جليلة للتخلص منهم حتى أصبحوا أثرا بعد عين ، كيف كان ذلك ؟ بدأ الأندلسيون بمساعدة أعدائهم ؛ إذ سعوا جاهدين لتمزيق إمارة الأندس العربية الإسلامية إلى بضع وعشرين مملكة وإمارة ، وظلت في حالة تناحر فيما بينها ، وفي تسابق محموم لإرضاء البرتغال والأسبان ، أعدائهم التاريخيين ، ولم يقف الأمر عند هذا بل دخل الملوك والأمراء في تحالفات مع أعدائهم للتخلص من بعضهم ، وظل العدو الأسباني البرتغالي يستخدمهم ليضرب بعضهم ببعض ، وبعد أن أسقط تلك الممالك والإمارات واحدة بعد الأخرى ، طلب آخر ملك عربي من العدو ، بعد أن أسقط الأخير مملكته وسيطر على كل شيء فيها ، أن يبقيه في قصره هو وعائلته فقط ، لكن العدو رفض طلب الملك ، وقال له يجب أن تعود إلى خيمتك في الصحراء العربية التي جئت منها ، فضلا عن بكاء ذلك الملك بعد أن سلم مملكته غرناطة حتى سمعته أمه ، فقالت له : ابك - كالنساء - ملكا لم تحافظ عليه كالرجال . وها نحن اليوم أكثر منهم استعجالا وولاء لعدونا في نصب المشانق لرقابنا وحسب ، فسبحان الله كم تشابهت الأفعال والأقوال بين عرب الأندلس وعرب اليوم ؛ خنوعنا كخنوعهم ، وذلنا كذلهم ، وهواننا كهوانهم ، وأقوالنا هي أقوالهم ، فلننتظر مصيرنا كانتظاركم لمصيركم ، إني أراه كمصيرهم لايختلف في شيء . وصدقت مقولة : التاريخ يعيد نفسه ، حقا هاهو ذا قد أعاد نفسه ، والغبي من لايقرأ التاريخ مهما حمل من شهادات عليا ، وعلق على صدره من النياشين .
فلتعلم أمتنا أن الشعب الفلسطيني المجاهد الجبار على موعد مع النصر مهما كانت معاناته من الصهاينة والصليبيين ، حقا إن الخسارة كبيرة ، والمصاب جلل ، لكن المؤمن كل أمره خير ؛ فالنصر لديه يعني الظفر باستعادة الأرض ، وحماية العرض ، وتطهير المقدس من دنس الصهاينة ، وطرد العدو الغاصب إلى حيث كان . والانكسار في معجمه لايعني النهاية ، بل يعني الفوز بالجنة لمن قضى نحبه ، وبناء من تبقى من النشء فكريا وجهاديا واقتصاديا ، يتوازى مع ذلك إعداد القوة ؛ لنزال أكبر مع العدو ، ومواجهة شاملة فاصلة .